-A +A
عزيزة المانع
لا أظن أن دول الخليج في حاجة إلى الاتحاد بينها أكثر مما هي عليه اليوم، فما تعيشه المنطقة في الوقت الراهن من تحديات تهدد أمنها واستقرارها، وتعرقل سير خطوها نحو التنمية والازدهار، يتطلب منها موقفا حاسما للعمل بإخلاص نحو تحقيق الاتحاد فيما بينها لتكوين قوة خليجية عملاقة اقتصاديا وعسكريا وعلميا، تجعل كل من تسول له نفسه معاداتها، التفكير ألف مرة قبل أن يقدم على ذلك.

وجاء انعقاد القمة الخليجية 37 في البحرين، وأمامه ملفات متعددة كلها ساخنة وكلها في حاجة إلى البت فيها واتخاذ موقف حاسم منها، كملف الإرهاب وتردي الأوضاع في اليمن وسورية والعراق ومشكلات التدخلات الإيرانية في البلاد العربية، فضلا عن العلاقات الخليجية والعربية عامة.


ولكن برغم هذا، فإن ملف قضية الاتحاد الخليجي، يظل هو الأهم وهو الذي ينبغي أن يأتي في المقدمة، لأن هذا الاتحاد متى تحقق، سهل معه حل كثير من تلك المشكلات العالقة.

في مثل الظروف الحالية، يبدو الاتحاد بين دول مجلس التعاون أمرا تحتمه الأوضاع الخطيرة الراهنة التي تحف بالمنطقة، ليس لأننا نعيش عصر التكتلات الذي يقتضي وجود مثل هذا الاتحاد فحسب، وإنما لأن الاتحاد الخليجي كفيل بأن يجعل من دول مجلس التعاون قوة عظمى يحسب لها حساب على الصعيد الدولي.

فالدول الخليجية تتوفر فيها كفاءات فكرية وعلمية واقتصادية وعسكرية لا يستهان بها، ومتى اتحدت وتعاونت مجتمعة أمكن الاستفادة من ذلك في بناء قاعدة متينة لبناء قوة خليجية ترهب العدو. فضلا عن أن دول الخليج إلى جانب تجانسها العرقي واللغوي والديني، هي أيضا تتجانس في مواردها الاقتصادية وثقافتها الاجتماعية وبيئتها الجغرافية وتشكيلتها السياسية، مما يشجع كثيرا على إقامة الاتحاد فيما بينها.

قد تكون ثمة عوائق سياسية أو اقتصادية تعرقل إنجاز هذه الغاية، ولكن يمكن التغلب عليها بالبدء في وضع خطط تنحصر في توحيد الأهداف والغايات والسياسات العامة الرامية إلى الإصلاح العام، كتوحيد سياسات مكافحة الطائفية والعنصرية، وسياسات تعزيز المساواة بين البشر في الحقوق الإنسانية، وسياسات التعليم ومناهجه وأغراضه، وسياسات الخدمات الصحية، والسياسات الإعلامية والثقافية والاقتصادية، وغيرها مما يضمن بناء كيان خليجي قوي، مع احتفاظ كل دولة باستقلالها السياسي وتفردها بكيانها الذاتي.

إن استطعنا تحقيق هذا، نكون نجحنا في ترسيخ مكانتنا في المقدمة مع الأمم الرائدة.